هل تتذكر عدد المرات التي صادفت فيها متداولين للفوركس (القدامى والجدد) وهم يبحثون في منتديات الإنترنت عن المصباح السحري للفوركس، أو كما يطلق عليه البعض الكأس المقدسة، والتي تعني عموما استراتيجية أو نظام أو برنامج آلي قادر على النجاح في جميع الأوقات دون أن يفشل مطلقا؟ وهل تتذكر عدد المرات التي سمعت فيها لمتداولين وهم ينفون فيها فكرة وجود مثل هذا المصباح السحري من الأساس، وأن هؤلاء الباحثين ليسوا أكثر من حفنة من المغفلين الذين يخدعون أنفسهم؟ حقيقة الأمر أن هؤلاء الذين ينفون فكرة المصباح السحري هم بالفعل على صواب، ولكن إلى حد ما. إذا كنت تبحث عن نظام تداول مثالي، فلن تجد مثل هذا النظام — هذا لا يعني بالضرورة عدم وجود مصباح سحري للفوركس — ولكنه في واقع الأمر مختلف كثيرا عما تفكر به.
لا يوجد نظام سهل يحقق النجاح طوال الوقت، لأن هذه الفكرة غير منطقية من عدة أوجه. الجانب الأول هو إنه يستحيل إحصائياً تحقيق النجاح بنسبة 100% بسبب وجود تحركات عشوائية في السوق والحياة نفسها. السبب الثاني هو أن كثير من هذه التغيرات تحدث في بعض الأحيان بطريقة تدريجية، وفي أحيان أخرى بطريقة مفاجئة، ولكن في كل الأحوال لا يمكن إيقافها، أي بعبارة أخرى ستواجه جميع أنظمة التداول الفشل الحتمي ما لم تكن قادرة على التكيف مع المتغيرات في السوق.
بطبيعة الحال، إذا فشل نظام التداول الذي تستخدمه خلال الآونة الأخيرة فربما تكون حاليا أحد الأعضاء في معسكر الباحثين عن المصباح السحري (أو ربما تكون متداول فوركس جديد وليس لديك نظام تداول من الأساس). حقيقة الأمر أنك لن تجد المصباح السحري — لأن النظام الجديد الذي ستستخدمه سوف يفشل هو الأخر في نهاية المطاف، وهو ذات المصير الذي سيواجهه النظام التالي، وهكذا دواليك. ستظل طوال هذه الفترة مشتتاً في البحث عن أنظمة فوركس جديدة بدلا من التركيز على المصباح السحري الحقيقي — وهو أنت.
أنت العنصر الوحيد في نظام التداول الذي يمكنك التحكم به إلى حد ما. بطبيعة الأمر، لن تكون الأمور مثالية بسبب طبيعتك البشرية، ولكن مع تسليح نفسك بالانضباط الذاتي، وقضاء الفترة الكافية في التدرب على التداول، وقبول حقيقة أن التكيف هو ضرورة في الفوركس كما هو في الحياة، ستكون قادرا في نهاية المطاف على تحسين فرص النجاح. هذا الاعتقاد سيدفعك إلى إعادة التفكير في نظام التداول الناجح الذي كنت تستخدمه قبل أن يتعرض للفشل بشكل مفاجئ، ومن ثم قد تتمكن من إصلاحه. بدلاً من الانشغال بمطاردة أنظمة الفوركس المثالية في مكان آخر، لماذا لا تحاول تكييف نظامك الحالي واكتشاف السبب في توقفه عن تحقيق نتائج جيدة؟ قد يكون السبب بسيط للغاية مثل حدوث تغير في السوق وبالتالي إمكانية تعويض ذلك بإجراء بعض التعديلات على إعدادات الاستراتيجية. أو ربما تكتشف أن ما تغير حقا لم يكن نظام التداول أو السوق، بل أنت! ولهذا فإن أفضل طريقة للبحث عن المصباح المزعوم هي بداخلك، وأسوأ طريقة هي بذل جهود مضنية في البحث عن الأسباب الخارجية دون جدوى.
هذه المحاولات تستغرق بعض الوقت، وتتطلب التفكير والتفاني والإيمان بجدواها، ولكنها ستساعدك في نهاية المطاف على إلقاء نظرة اكثر عمقا على النظام الذي استثمرت فيه وقتك ومجهودك لبنائه من الصفر. هل يعني ذلك أنك لن تضطر أبداً لبناء نظام جديد؟ ليس بالضرورة، ولكن هناك احتمال قوي ألا تلجأ لذلك على الإطلاق. يستخدم العديد من متداولي العملات تنويعات مختلفة من نفس نظام التداول لسنوات وسنوات طويلة (بالطبع قد لا يتناسب هذا مع الجميع). وفي كلا الحالتين، فإن تحليل النتائج المحققة بدلا من الاستسلام لشعور الخوف سوف يساعدك على تطوير سمات شخصية يمكن أن تساعدك في تحقيق نجاح أفضل وأكثر استدامة عند تداول الفوركس في المستقبل.